قصص

نشر في : 03-12-2024

تاريخ التعديل : 2024-12-03 16:40:22

حسام عيد

أصبحت موجات الجفاف القياسية التي يشهدها الكوكب «قاعدة جديدة»، ما يُلزِم المسؤولين «إعادة النظر جذرياً» في طريقة إدارتها.

تحذير أطلقته الأمم المتحدة، يوم الإثنين، من خلال نَشرِها أطلسا عالميا لهذه الظاهرة في اليوم الأول من قمة الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر  (COP16)، والتي تواصل أعمالها في العاصمة السعودية الرياض، خلال الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

تحتاج استعادة الأراضي المتدهورة في العالم والحد من التصحر إلى استثمار بقيمة 2.6 تريليون دولار على الأقل بحلول نهاية العقد.

عام 2024 الذي يُتوقَع أن يكون الأكثر حرّاً على الإطلاق على الأرض، شهد موجات جفاف عدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، والإكوادور، والبرازيل، والمغرب، وناميبيا، وملاوي، تسببت بأضرار كبيرة منها حرائق وشحّ في المياه والغذاء.

تطال الأضرار المباشرة للجفاف كل سنة نحو 55 مليون شخص، ويشكّل "أحد المخاطر الأكثر كلفة والأكثر فتكا على مستوى العالم"، على ما لاحظ الأطلس الذي نشرته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر بالشراكة مع مركز البحث العلمي التابع للمفوضية الأوروبية.

وإذ نبّه الأطلس إلى أن آثار الجفاف "تكون أقلّ ظهورا من تلك الناجمة عن الأحداث المفاجئة كالفيضانات والزلازل، وتجذب قدرا أدنى من الاهتمام"، شدّد على ضرورة عدم الاستهانة بموجات الجفاف، إذ تشكّل بفعل تأثير الدومينو "ظاهرة نظامية" تؤثر على قطاعات عدة، كالزراعة وإمدادات الطاقة والتجارة والشحن، وتهدد صحة النظم البيئية والناس.

تضرّر نحو 1.84 مليار إنسان عامَي 2022 و2023 من آثار موجات الجفاف، ومنها تلك غير المباشرة التي "يصعب أحيانا تقدير" مداها وتوقّعها، ويعيش نحو 85% من هؤلاء في بلدان ذات دخل منخفض أو متوسط، على ما أفاد الأطلس استنادا إلى تقرير للأمم المتحدة نُشر في نهاية 2023.

ويُتوقَع أن تبلغ نسبة المتضررين ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم بحلول سنة 2050، بسبب ظاهرة الاحترار المناخي الناجمة خصوصا عن احتراق الوقود الأحفوري.

ويهدف الأطلس من خلال عشرات الخرائط والرسوم البيانية ودراسات الحالة إلى إظهار "طريقة ترابط مخاطر الجفاف (...) وكيف يمكن أن يكون لها آثار متتالية، إذ تساهم في تأجيج اللامساواة والصراعات وتشكّل خطرا على الصحة العامة"، بحسب ما ورد في بيان.

ويمكن أن يؤدي الجفاف مثلا إلى تقليص إنتاج الطاقة الكهرومائية، ما يتسبب في ارتفاع أسعار الطاقة أو انقطاع التيار الكهربائي. وإذا حصل ذلك أثناء موجة حر، فقد يقود إلى إدخال عدد أكبر من الأفراد إلى المستشفيات، وإلى زيادة الوفيات بسبب النقص في التهوية أو التبريد.

وأوضح براهيم ثياو، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر التي يُعقد المؤتمر السادس عشر لأطرافها في الرياض من 2 إلى 13 ديسمبر/كانون الأول، أن الأطلس يرمي أيضا إلى تشجيع مسؤولي القطاعين العام والخاص على "إعادة النظر بصورة جذرية في طريقتهم في اتخاذ القرارات وإدارة مخاطر الجفاف".

وشرح تقرير هذه الاتفاقية أن موجات الجفاف "ليست مجرد غياب الأمطار أو الثلوج أو رطوبة التربة"، بل تنتج أيضا "عن مزيج من تقلبات المناخ الطبيعية والتغيّر المناخي المتأتي من النشاط البشري وسوء إدارة الإنسان للموارد المائية والأرضية".

ولاحظ أن ثمة "نقصا في تمويل" جهود إدارتها "رغم حجم التهديد".

وقال إبراهيم ثياو الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، في تصريحات لرويترز قبل محادثات مؤتمر COP16 في الرياض هذا الأسبوع، إن موجات الجفاف الأكثر تكرارا وشدة نتيجة لتغير المناخ إلى جانب الاحتياجات الغذائية لعدد متزايد من السكان تعني أن المجتمعات معرضة لخطر أكبر من الاضطرابات ما لم يتم اتخاذ إجراء.

ويهدف الاجتماع الذي يستمر أسبوعين إلى تعزيز قدرة العالم على الصمود في مواجهة الجفاف، بما في ذلك من خلال تشديد الالتزامات القانونية للدول، ووضع الخطوات الاستراتيجية التالية وتأمين التمويل.

وقال ثياو، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إن جزءًا كبيرًا من الأموال المطلوبة سوف يحتاج إلى أن يأتي من القطاع الخاص.

أضاف: "أن الجزء الأكبر من الاستثمارات في استعادة الأراضي في العالم يأتي من المال العام. وهذا ليس صحيحًا. لأن المحرك الرئيسي لتدهور الأراضي في العالم هو إنتاج الغذاء... وهو في أيدي القطاع الخاص"، مضيفًا أنه حتى الآن لا يوفر سوى 6% من الأموال اللازمة لإعادة تأهيل الأراضي المتضررة.

وخلص الأطلس إلى أن "التعاون غير المسبوق بين القطاعات والبلدان ضروري لتحقيق القدرة على الصمود"، داعيا إلى "مقاربات استباقية وتطلعية لإدارة المخاطر"، لا سيّما فيما يتعلق بإدارة المياه والممارسات الزراعية المبتكرة وأنظمة إنذار السكان.

وانتُخبت المملكة العربية السعودية رسميا رئيسا لمؤتمر الأطراف COP16 لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في حفل الافتتاح يوم الإثنين، بالعاصمة الرياض، حيث تبدأ فترة ولايتها لمدة عامين لدفع العمل الدولي بشأن إعادة تأهيل الأراضي واستصلاحها واستعادة خصوبتها وحيويتها ومقاومة التصحر والجفاف.

وتعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إطارا للعمل الجماعي والتعاون الدولي، والتقيد بالسياسات لتحقيق المستهدفات لإعادة تأهيل الأراضي، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، والابتكار لتنفيذ الحلول المستدامة، والتعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول أدوات ملزمة تعزز العمل الدولي المشترك.